كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **


وفاته رضي الله عنه

36034- عن ابن عباس قال‏:‏ أنا أول الناس أتي عمر حين طعن، فقال‏:‏ يا ابن عباس‏!‏ احفظ عني ثلاثا فإني أخاف أن لا يدركني الناس‏:‏ إني لم أقض في الكلالة ‏(‏الكلالة‏:‏ هو أن يموت الرجل ولا يدع والدا ولا ولدا يرثانه‏.‏ النهاية 4/194‏.‏ ب‏)‏، ولم استخلف على الناس خليفة، وكل مملوك لي عتيق؛ فقيل له‏:‏ استخلف قال‏:‏ أي ذلك فعلت فقد فعله من هو خير مني، إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أدع الناس إلى أمرهم فقد تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت‏:‏ أبشر بالجنة يا أمير المؤمنين‏!‏ صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلت صحبته ثم وليت فعدلت وأديت الأمانة، فقال عمر‏:‏ أما تبشيرك إياي بالجنة فوالله الذي لا إله إلا هو لو أن لي ما بين السماء والأرض لافتديت به مما هو أمامي قبل أن أعلم الخبر‏!‏ وأما ما ذكرت من أمر المسلمين فوالله لوددت أني نجوت منها كفافا لا علي ولا لي وأما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاك‏.‏

‏(‏عب، ط، حم وابن سعد‏)‏‏.‏

36035- عن يحيى بن أبي راشد البصري قال قال عمر بن الخطاب لابنه‏:‏ يا بني‏!‏ إذا حضرتني الوفاة فاحرفني واجعل ركبتيك في صلبي وضع يدك اليمنى على جنبي - أو جبيني - ويدك اليسرى على ذقني فإذا قبضت فأغمضني، واقصدوا في كفني، فإنه إن كان لي عند الله خير أوسع لي فيها مد بصري، وإن كنت على غير ذلك ضيقها علي حتى تختلف أضلاعي، ولا تخرج معي امرأة، ولا تزكوني بما ليس في، فإن الله هو أعلم بي، فإذا خرجتم بي فأسرعوا في المشي، فإنه إن كان لي عند الله خير قدمتموني إلى ما هو خير لي، وإن كنت على غير ذلك كنتم قد ألقيتم عن رقابكم شرا تحملونه‏.‏

‏(‏ابن سعد وابن أبي الدنيا في القبور‏)‏‏.‏

36036- عن القاسم بن محمد أن عمر بن الخطاب حين طعن جاء الناس يثنون عليه ويودعونه فقال عمر‏:‏ أبالإمارة تزكونني‏؟‏ لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض الله رسوله وهو عني راض، ثم صحبت أبا بكر فسمعت وأطعت فتوفي أبو بكر وأنا سامع مطيع وما أصبحت أخاف على نفسي إلا إمارتكم هذه‏.‏

‏(‏ابن سعد، ش‏)‏‏.‏

36037- عن عمر قال‏:‏ والله لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع ‏(‏المطلع‏:‏ يريد به الموقف يوم القيامة، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال‏.‏ النهاية 3/133‏.‏ ب‏)‏‏.‏

‏(‏ابن المبارك وابن سعد وأبو عبيد في الغريب ق في كتاب عذاب القبر‏)‏‏.‏

36038- عن عبد الله بن عبيد بن عمير أن عمر لما طعن قال‏:‏ هذا حين لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع‏!‏ فقال له ابن العباس‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ والله إن كان إسلامك لنصرا وإن كانت إمارتك لفتحا ولقد ملأت الأرض عدلا‏!‏ فقال‏:‏ أتشهد لي بهذا عند الله يوم تلقاه‏؟‏ فقال ابن عباس‏:‏ نعم، ففرح عمر بذلك وأعجبه‏.‏

‏(‏ابن سعد، كر‏)‏‏.‏

36039- عن جارية بن قدامة السعدي قال قلنا لعمر بن الخطاب أوصنا، فقال‏:‏ عليكم بكتاب الله عز وجل فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه، وأوصيكم بالمهاجرين فإن الناس يكثرون وهم يقلون، وأوصيكم بالأنصار فإنهم شعب الإسلام الذي لجأ إليه، وأوصيكم بالأعراب فإنها أصلكم ومادتكم، وأوصيكم بذمتكم فإنها ذمة نبيكم ورزق عيالكم‏.‏

‏(‏ابن سعد، ش‏)‏‏.‏

36040- عن الزهري قال قال عمر بن الخطاب في العام الذي طعن فيه‏:‏ أيها الناس‏!‏ إني أكلمكم بالكلام فمن حفظه فليحدث به حيث انتهت به راحلته، ومن لم يحفظه فأخرج بالله على امرئ أن يقول علي ما لم أقل‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36041- عن عمرو بن ميمون قال‏:‏ رأيت عمر لما طعن عليه ملحفة صفراء قد وضعها على جرحه وهو يقول‏:‏ ‏{‏وكان أمر قدرا مقدورا‏}‏‏.‏

‏(‏ابن سعد، ش‏)‏‏.‏

36042- عن محمد بن سيرين قال عمر‏:‏ رأيت كأن ديكا نقرني نقرتين فقلت‏:‏ يسوق الله إلي الشهادة ويقتلني أعجم أو أعجمي‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36043- عن سعيد بن أبي هلال أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خطب الناس يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال‏:‏ أما بعد أيها الناس‏!‏ إني رأيت رؤيا لا أراها إلا لحضور أجلي، رأيت أن ديكا أحمر نقرني نقرتين فحدثتها أسماء بنت عميس فحدثتني أنه يقتلني رجل من الأعاجم‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36044- عن عمرو بن ميمون قال‏:‏ شهدت عمر يوم طعن فما منعني أن أكون في الصف المقدم إلا هيبته وكان رجلا مهيبا فكنت في الصف الذي يليه، وكان عمر لا يكبر حتى يستقبل الصف المقدم بوجهه، فإن رأى رجلا متقدما من الصف أو متأخرا ضربه بالدرة، فذلك الذي منعني منه، وأقبل عمر فعرض له أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات، فسمعت عمر وهو يقول هكذا بيده قد بسطها‏:‏ دونكم الكلب قد قتلني‏!‏ وماج الناس بعضهم في بعض، فصلى بنا عبد الرحمن بن عوف بأقصر سورتين في القرآن ‏{‏إذا جاء نصر الله‏}‏، ‏{‏وإنا أعطيناك الكوثر‏}‏ واحتمل عمر فدخل الناس عليه فقال‏:‏ يا عبد الله بن عباس‏!‏ اخرج فناد في الناس‏!‏ أيها الناس‏!‏ إن أمير المؤمنين يقول‏:‏ أعن ملأ منكم هذا‏؟‏ فقالوا‏:‏ معاذ الله‏!‏ ما علمنا ولا اطلعنا، فقال ادعوا لي طبيبا، فدعي له الطبيب فقال‏:‏ أي شراب أحب إليك‏؟‏ قال‏:‏ نبيذ، فسقي نبيذا فخرج من بعض طعناته فقال الناس‏:‏ هذا صديد، اسقوه لبنا، فسقي لبنا فخرج فقال الطبيب‏:‏ ما أراك تمسي، فما كنت فاعلا فافعل، فقال‏:‏ يا عبد الله بن عمر‏!‏ ايتني بالكتف التي كتبت فيها شأن الجد بالأمس‏!‏ فلو أراد الله أن يمضي ما فيه أمضاه، فقال له ابن عمر‏:‏ أنا أكفيك محوها، فقال‏:‏ لا والله لا يمحوها أحد غيري، فمحاها عمر بيده وكان فيها فريضة الجد، ثم قال‏:‏ ادعوا لي عليا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعدا، فلما خرجوا من عنده قال عمر‏:‏ إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق، فقال له ابن عمر‏:‏ فما يمنعك يا أمير المؤمنين‏:‏ قال‏؟‏ أكره أن أتحملها حيا وميتا‏.‏

‏(‏ابن سعد والحارث، حل واللالكائي في السنة؛ وصحح‏)‏‏.‏

36045- عن سماك أن عمر بن الخطاب لما حضر قال‏:‏ إن أستخلف فسنة، وإن لا أستخلف فسنة، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف، وتوفي أبو بكر فاستخلف، فقال علي‏:‏ فعرفت والله أنه لن يعدل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذاك حين جعلها عمر شورى بين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وقال للأنصار‏:‏ أدخلوهم بيتا ثلاثة أيام فإن استقاموا وإلا فادخلوا عليهم فاضربوا أعناقهم‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36046- عن عبد الرحمن بن بزي قال قال عمر‏:‏ هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد، وفي كذا وكذا وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36047- عن إبراهيم قال قال عمر‏:‏ من أستخلف‏؟‏ لو كان أبو عبيدة بن الجراح‏!‏ فقال له رجل‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ فأين أنت من عبد الله بن عمر‏؟‏ فقال‏:‏ قاتلك الله‏!‏ والله ما أردت الله بهذا‏!‏ استخلف رجلا ليس يحسن يطلق امرأته‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36048- عن ابن شهاب قال‏:‏ كان عمر لا يأذن لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا ‏(‏صنعا‏:‏ يقال‏:‏ رجل صنع وامرأة صناع، إذا كان لهما صنعة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها‏.‏ النهاية 3/56‏.‏ ب‏)‏ ويستأذنه أن يدخله المدينة ويقول‏:‏ إن عنده أعمالا كثيرة فيها منافع للناس، إنه حداد نقاش نجار‏.‏

فكتب إليه عمر فأذن له أن يرسل به إلى المدينة، وضرب عليه المغيرة مائة درهم كل شهر، فجاء إلى عمر يشتكي إليه شدة الخراج، فقال له عمر‏:‏ ماذا تحسن من العمل‏؟‏ فذكر له الأعمال التي يحسن، فقال له عمر‏:‏ ما خراجك بكثير في كنه عملك، فانصرف ساخطا يتذمر، فلبث عمر ليالي ثم إن العبد مر به فدعاه فقال له‏:‏ ألم أحدث أنك تقول‏:‏ لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح‏؟‏ فالتفت العبد ساخطا عابسا إلى عمر ومع عمر رهط فقال‏:‏ لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها‏!‏

فلما ولى العبد أقبل عمر على الرهط الذين معه فقال لهم‏:‏ أوعدني العبد آنفا، فلبث ليالي ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه فكمن في زارية من زوايا المسجد في غلس السحر، فلم يزل هنالك حتى خرج عمر يوقظ الناس للصلاة صلاة الفجر وكان عمر يفعل ذلك، فلما دنا منه عمر وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة وقد خرقت الصفاق ‏(‏الصفاق‏:‏ جلدة رقيقة تحت الجلد الأعلى وفوق اللحم‏.‏ النهاية 3/39‏.‏ ب‏)‏ وهي التي قتلته، ثم انحاز أيضا على أهل المسجد فطعن من يليه حتى طعن سوى عمر أحد عشر رجلا ثم انتحر بخنجره‏.‏

فقال عمر حين أدركه النزف وانقصف الناس عليه‏:‏ قولوا لعبد الرحمن بن عوف‏:‏ فليصل بالناس، ثم غلب عمر النزف حتى غشي عليه، قال ابن عباس‏:‏ فاحتملت عمر في رهط حتى أدخلته بيته، ثم صلى بالناس عبد الرحمن فأنكر الناس صوت عبد الرحمن‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ فلم أزل عند عمر ولم يزل في غشية واحدة حتى أسفر الصبح، فلما أسفر أفاق فنظر في وجوهنا فقال‏:‏ أصلى الناس‏؟‏ فقلت‏:‏ نعم، فقال‏:‏ لا إسلام لمن ترك الصلاة، ثم دعا بوضوء فتوضأ ثم صلى، ثم قال‏:‏ اخرج يا عبد الله بن عباس فسل من قتلني‏؟‏

قال ابن عباس‏:‏ فخرجت حتى فتحت باب الدار فإذا الناس مجتمعون جاهلون بخبر عمر فقلت‏:‏ من طعن أمير المؤمنين‏؟‏ فقالوا‏:‏ طعنه عدو الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة‏.‏

قال‏:‏ فدخلت فإذا عمر يبد في النظر ويستأني خبر ما بعثني إليه، فقلت‏:‏ أرسلني أمير المؤمنين لأسأل عمن قتله، فكلمت الناس فزعموا أنه طعنه عدو الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ثم طعن معه رهطا ثم قتل نفسه‏.‏

فقال‏:‏ الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلني أنا أحب إليها من ذلك‏.‏

قال سالم فبكى عليه القوم حين سمعوا فقال‏:‏ لا تبكوا علينا، من كان باكيا فليخرج، ألم تسمعوا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ يعذب الميت ببكاء أهله عليه‏.‏ فمن أجل ذلك كان عبد الله بن عمر لا يقر أن يبكى عنده على هالك من ولد ولا غيرهم‏.‏

وكانت عائشة رضي الله عنها تقيم النوح على الهالك من أهلها، فحدثت بقول عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ يرحم الله عمر وابن عمر فوالله ما كذبا، ولكن عمر وهل ‏(‏وهل‏:‏ أي غلط‏.‏ النهاية 5/233‏.‏ ب‏)‏، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على نوح يبكون على هالك لهم فقال‏:‏ إن هؤلاء يبكون وإن صاحبهم ليعذب وكان قد اجترم ذلك‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36049- عن أبي الحويرث قال‏:‏ لما قدم غلام المغيرة بن شعبة ضرب عليه عشرين ومائة درهم كل شهر، أربعة دراهم كل يوم، قال‏:‏ وكان خبيثا، إذا نظر إلى السبي الصغار يأبي فيمسح رؤوسهم ويبكي ويقول‏:‏ إن العرب أكلت كبدي، فلما قدم عمر من مكة جاء أبو لؤلؤة إلى عمر يريده فوجده غاديا إلى السوق وهو متكئ على يد عبد الله بن الزبير فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ إن سيدي المغيرة يكلفني ما لا أطيق من الضريبة، قال عمر‏:‏ وكم كلفك‏؟‏ قال‏:‏ أربعة دراهم كل يوم، قال‏:‏ وما تعمل‏؟‏ قال‏:‏ الأرحاء - وسكت عن سائر أعماله، فقال‏:‏ في كم تعمل الرحى‏؟‏ فأخبره، قال‏:‏ وبكم تبيعها‏؟‏ فأخبره، فقال‏:‏ لقد كلفك يسيرا، انطلق فأعط مولاك ما سألك، فلما ولى قال عمر‏:‏ ألا تجعل لنا رحى‏؟‏ قال‏:‏ بل أجعل لك رحى يتحدث بها أهل الأمصار، ففزع عمر من كلمته، قال‏:‏ وعلي معه فقال‏:‏ ما تراه أراد‏؟‏ قال‏:‏ أوعدك يا أمير المؤمنين‏!‏ قال عمر‏:‏ يكفيناه الله، قد علمت أنه يريد بكلمته غورا ‏(‏غورا‏:‏ غور كل شيء قعره، يقال فلان بعيد الغور أي حقود المصباح 1/624‏.‏ ب‏)‏‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36050- عن ابن عمر قال‏:‏ سمعت عمر يقول‏:‏ لقد طعنني أبو لؤلؤة وما أظنه إلا كلبا حتى طعنني الثالثة‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36051- عن ابن عمر قال‏:‏ كان عمر يكتب إلى أمراء الجيوش‏:‏ لا تجلبوا علينا من العلوج أحدا جرت عليه المواسي، فلما طعنه أبو لؤلؤة قال‏:‏ من هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ غلام المغيرة بن شعبة، قال‏:‏ ألم أقل لكم‏:‏ لا تجلبوا علينا من العلوج أحدا فغلبتموني‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36052- عن محمد بن سيرين قال‏:‏ لما طعن عمر جعل الناس يدخلون عليه، فقال لرجل‏:‏ انظر، فأدخل يده فنظر، فقال‏:‏ ما وجدت‏؟‏ فقال‏:‏ إني أجده قد بقي لك من وتينك ما تقضي منه حاجتك، قال‏:‏ أنت أصدقهم وخيرهم، فقال رجل‏:‏ والله إني لأرجو أن لا تمس النار جلدك أبدا‏؟‏ فنظر إليه حتى رثينا أو أوينا له ثم قال‏:‏ إن علمك بذلك يا ابن فلان لقليل، لو أن لي ما في الأرض لافتديت به من هول المطلع‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36053- عن شداد بن أوس عن كعب قال‏:‏ كان في بني إسرائيل ملك إذا ذكرناه ذكرنا عمر، وإذا ذكرنا عمر ذكرناه، وكان إلى جنبه نبي يوحى إليه فأوحى الله إلى النبي أن يقول له‏:‏ اعهد عهدك واكتب إلي وصيتك فإنك ميت إلى ثلاثة أيام، فأخبره النبي بذلك، فلما كان اليوم الثالث وقع بين الجدر وبين السرير ثم جأر ‏(‏جأر‏:‏ جأر إلى الله‏:‏ تضرع بالدعاء‏.‏ المختار 67‏.‏ ب‏)‏ إلى ربه فقال‏:‏ اللهم إن كنت تعلم أني كنت أعدل في الحكم، وإذا اختلفت الأمور اتبعت هداك وكنت وكنت فزدني في عمري حتى يكبر طفلي وتربو أمتي‏!‏ فأوحى الله إلى النبي أنه قد قال كذا وكذا وقد صدق وقد زدته في عمره خمس عشرة سنة، ففي ذلك ما يكبر طفله وتربو أمته، فلما طعن عمر قال كعب‏:‏ لئن سأل عمر ربه ليبقينه الله، فأخبر بذلك عمر فقال‏:‏ اللهم‏!‏ اقبضني إليك غير عاجز ولا ملوم‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36054- عن الشعبي قال‏:‏ لما طعن عمر جعل جلساؤه يثنون عليه فقال‏:‏ إن من غره عمره لمغرور، والله لوددت أني أخرج منها كما دخلت فيها‏!‏ والله لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع‏.‏

‏(‏ابن سعد والعسكري في المواعظ‏)‏‏.‏

36055- عن ابن عمر أن عمر أوصى إلى حفصة، فإذا ماتت فإلى الأكابر من آل عمر‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36056- عن قتادة قال‏:‏ أوصى عمر بن الخطاب بالربع‏.‏

‏(‏عب وابن سعد‏)‏‏.‏

36057- عن عروة أن عمر بن الخطاب لم يتشهد في وصيته‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36058- عن ابن عمر أن عمر أوصى عند الموت أن يعتن من كان يصلي السجدتين من رقيق الإمارة، وإن أحب الوالي بعدي أن يخدموه سنتين فذلك له‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36059- عن ربيعة بن عثمان أن عمر بن الخطاب أوصى أن تقر عماله سنة، فأقرهم عثمان سنة‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36060- عن عامر بن سعد قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب‏:‏ إن وليتم سعدا فسبيل ذاك وإلا فليستشره الوالي، فإني لم أعزله عن سخطة‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36061- عن عثمان بن عفان قال‏:‏ آخر كلمة قالها عمر حتى قضى‏:‏ ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي‏!‏ وويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي‏!‏ وويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي‏.‏

‏(‏ابن سعد ومسدد‏)‏‏.‏

36062- عن ابن أبي مليكة قال‏:‏ لما طعن عمر جاء كعب فجعل يبكي بالباب ويقول‏:‏ والله لو أن أمير المؤمنين يقسم على الله أن يؤخره لأخره، فدخل ابن عباس عليه فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ هذا كعب يقول كذا وكذا، قال‏:‏ إذن والله لا أسأله‏!‏ ثم قال‏:‏ ويل لي ولأمي إن لم يغفر الله لي‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36063- عن المقدام بن معد يكرب قال‏:‏ لما أصيب عمر دخلت عليه حفصة فقالت‏:‏ يا صاحب رسول الله‏!‏ ويا صهر رسول الله‏!‏ ويا أمير المؤمنين‏!‏ فقال عمر لابنه‏:‏ يا عبد الله‏!‏ أجلسني فلا صبر لي على ما اسمع؛ فاسنده إلى صدره فقال لها‏:‏ إني أحرج عليك بما لي عليك من الحق أن تندبيني بعد مجلسك هذا، فأما عينك فلن أملكها، إنه ليس من ميت يندب بما ليس فيه إلا الملائكة تمقته‏.‏

‏(‏ابن سعد وابن منيع والحارث‏)‏‏.‏

36064- عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب لما طعن عولت حفصة فقال‏:‏ يا حفصة‏!‏ أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إن المعول عليه يعذب، قال‏:‏ وعول صهيب فقال عمر‏:‏ يا صهيب‏!‏ أما علمت أن المعول عليه يعذب‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36065- عن عبد الملك بن عمير عن أبي بردة عن أبيه قال‏:‏ لما طعن عمر أقبل صهيب يبكي رافعا صوته فقال عمر‏:‏ أعلي‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال عمر‏:‏ أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ من يبك عليه يعذب، قال عبد الملك‏:‏ فحدثني موسى بن طلحة عن عائشة أنها قالت‏:‏ أولئك يعذب أمواتهم ببكاء أحيائهم تعني الكفار‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36066- عن ابن عمر أن عمر نهى أهله أن يبكوا عليه‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36067- عن المطلب بن عبد الله بن حنطب أن عمر بن الخطاب صلى في ثيابه التي جرح فيها ثلاثا‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36068- عن ابن عمر أن عمر قال‏:‏ اذهب يا غلام إلى أم المؤمنين فقل لها‏:‏ إن عمر يسألك أن تأذني لي أن أدفن مع أخوي ثم ارجع إلي فأخبرني، قال فأرسلت أن نعم قد أذنت لك، قال فأرسل فحفر له في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعا ابن عمر فقال‏:‏ يا بني‏!‏ إني قد أرسلت إلى عائشة أستأذنها أن أدفن مع أخوي فأذنت لي وأنا أخشى أن يكون ذلك لمكان السلطان، فإذا أنا مت فاغسلني وكفني ثم احملني حتى تقف بي على باب عائشة فتقول‏:‏ هذا عمر يستأذن ويقول‏:‏ أألج‏؟‏ فإن أذنت لي فادفني معهما، وإلا فادفني في البقيع‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36069- عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال‏:‏ لما أرسل عمر إلى عائشة فاستأذنها أن يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فأذنت قال عمر‏:‏ إن البيت ضيق فدعا بعصا فأتى بها فقدر طوله ثم قال‏:‏ احفروا على قدر هذه‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36070- عن عبد الله بن معقل أن عمر بن الخطاب أوصى أن لا يغسلوه بمسك أو لا يقربوه مسكا‏.‏

‏(‏ابن سعد والمروزي في الجنائز‏)‏‏.‏

تتمة وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

36071- عن الفضيل بن عمرو قال‏:‏ أوصى عمر أن لا يتبع بنار ولا تتبعه امرأة ولا يحنط بمسك‏.‏

‏(‏ابن سعد والمروزي‏)‏‏.‏

36072- عن عبد الرحمن بن يسار قال‏:‏ شهدت موت عمر ابن الخطاب فانكسفت الشمس يومئذ‏.‏

‏(‏أبو نعيم‏)‏‏.‏

36073- عن ابن عباس قال‏:‏ دعاني عمر حين طعن فقال‏:‏ احفظ عني ثلاث خصال، من قال علي فيهن شيئا فقد كذب‏:‏ من قال‏:‏ إني تركت مملوكا فقد كذب، ومن قال‏:‏ إني قضيت في الكلالة بشيء فقد كذب، ومن قال‏:‏ إني سميت الخليفة من بعدي فقد كذب، ثم بكى عمر، فقال له ابن عباس‏:‏ ما يبكيك يا أمير المؤمنين‏؟‏ قال‏:‏ يبكيني أمر آخرتي، قال ابن عباس‏:‏ فإن فيك يا أمير المؤمنين ثلاث خصال لا يعذبك الله معهن أبدا إن شاء الله‏!‏ قال عمر‏:‏ وما هن‏؟‏ قال‏:‏ إنك إذا قلت صدقت، وإذا حكمت عدلت، وإذا استرحمت رحمت، قال‏:‏ أتشهد لي بهن عند ربي يا ابن عباس‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36074- عن ابن عمر قال‏:‏ أوصاني عمر قال‏:‏ إذا وضعتني في لحدي فأفض بخدي إلى الأرض حتى لا يكون بين جلدي وبين الأرض شيء‏.‏

‏(‏ابن منيع‏)‏‏.‏

36075- عن عثمان بن عروة قال‏:‏ كان عمر بن الخطاب قد استسلف من بيت المال ثمانين ألفا فدعا عبد الله بن عمر فقال‏:‏ بع فيها أموال عمر، فإن وفت وإلا فسل بني عدي، فإن وفت وإلا فسل قريشا ولا تعدهم، قال عبد الرحمن بن عوف‏:‏ ألا تستقرضها من بيت المال حتى تؤديها‏؟‏ فقال عمر‏:‏ معاذ الله أن تقول أنت وأصحابك بعدي‏:‏ أما نحن فقد تركنا نصيبنا لعمر، فتغروني بذلك فتتبعني تبعته وأقع في أمر لا ينجيني إلا المخرج منه، ثم قال لعبد الله بن عمر‏:‏ اضمنها، فضمنها‏.‏ فلم يدفن عمر حتى أشهد بها ابن عمر على نفسه أهل الشورى وعدة من الأنصار، فما مضت جمعة بعد أن دفن عمر حتى حمل ابن عمر المال إلى عثمان بن عفان وأحضر الشهود على البراءة بدفع المال‏.‏

‏(‏ابن سعد‏)‏‏.‏

36076- عن محمد بن عمرو قال‏:‏ حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وأشياخ قالوا‏:‏ رأى عمر بن الخطاب في المنام، قال‏:‏ رأيت ديكا أحمر نقرني ثلاث نقرات بين الثنة ‏(‏الثنة‏:‏ ما بين السرة والعانة من أسفل البطن‏.‏ النهاية 1/224‏.‏ ب‏)‏ والسرة، قالت أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر‏:‏ قولوا له‏:‏ فليوص - وكانت تعبر الرؤيا، فجاءه أبو لؤلؤة الكافر المجوسي عبد المغيرة ابن شعبة فقال‏:‏ إن المغيرة قد حمل علي من الخراج ما لا أطيق، قال‏:‏ كم جعل عليك‏؟‏ قال‏:‏ كذا وكذا، قال‏:‏ وما عملك‏؟‏ قال‏:‏ أجوب ‏(‏أجوب‏:‏ جاب‏:‏ خرق وقطع‏:‏ وبابه قال ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وثمود الذين جابوا الصخر بالواد‏)‏ وجبت البلاد - بضم الجيم وكسرها، من باب قال وباع - واجتبتها‏:‏ قطعتها‏.‏ المختار 86‏.‏ ب‏)‏ الأرحاء، قال‏:‏ وما ذاك عليك بكثير، ليس بأرضنا أحد يعملها غيرك، ألا تصنع لي رحى‏؟‏ قال‏:‏ بلى والله لأجعلن لك رحى يسمع بها أهل الآفاق‏!‏

فخرج عمر إلى الحج فلما صدر اضطجع بالمحصب وجعل رداءه تحت رأسه فنظر إلى القمر فأعجبه استواؤه وحسنه فقال‏:‏ بدا ضعيفا ثم لم يزل الله يزيده حتى استوى فكان أحسن ما كان، ثم هو ينقص حتى يرجع كما كان، وكذلك الخلق كله، ثم رفع يديه فقال‏:‏ اللهم‏!‏ إن رعيتي كثرت وانتشرت فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيع‏.‏

فصدر إلى المدينة فذكر له أن امرأة من المسلمين ماتت بالبيداء مطروحة على الأرض يمر بها الناس لا يكفنها أحد ولا يواريها أحد حتى مر بها كليب بن البكير الليثي فأقام عليها حتى كفنها وواراها، فذكر ذلك لعمر فقال‏:‏ من مر بها من المسلمين‏؟‏ فقالوا‏:‏ لقد مر عليها عبد الله بن عمر فيمن مر عليها من الناس، فدعاه وقال‏:‏ ويحك‏!‏ مررت على امرأة من المسلمين مطروحة على ظهر الطريق فلم توارها ولم تكفنها‏!‏ قال‏:‏ والله ما شعرت بها ولا ذكرها لي أحد‏!‏ فقال‏:‏ لقد خشيت أن لا يكون فيك خير، فقال‏:‏ من واراها وكفنها‏؟‏ قال‏:‏ كليب ابن بكير الليثي، قال‏:‏ والله لحري أن يصيب كليب خيرا‏.‏

فخرج عمر يوقظ الناس بدرته لصلاة الصبح فلقيه الكافر أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات بين الثنة والسرة وطعن كليب بن بكير فأجهز عليه، وتصايح الناس فرمى رجل على رأسه ببرنس ثم اضطبعه إليه، وحمل عمر إلى الدار، فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس وقيل لعمر‏:‏ الصلاة - وجرحه يثعب ‏(‏يثعب‏:‏ أي يجري‏.‏ النهاية 1/212‏.‏ ب‏)‏، قال‏:‏ لا حظ لمن لا صلاة له، فصلى ودمه يثعب، ثم انصرف الناس عليه فقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ إنه ليس بك بأس‏!‏ وإنا لنرجو أن ينسئ ‏(‏ينسيء‏:‏ النسأ‏:‏ التأخير‏.‏ يقال‏:‏ نسأت الشيء نسأ، وأنسأته إنساء، إذا أخرته‏.‏ النهاية 5/44‏.‏ ب‏)‏ الله في أثرك ‏(‏أثرك‏:‏ الأثر‏:‏ الأجل، وسمي به لأنه يتبع العمر‏.‏ النهاية 1/23‏.‏ ب‏)‏ ويؤخرك إلى حين‏!‏

فدخل عليه ابن عباس وكان يعجب به فقال‏:‏ اخرج فانظر من صاحبي‏؟‏ ثم خرج فجاء فقال‏:‏ أبشر يا أمير المؤمنين‏!‏ صاحبك أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة، فكبر حتى خرج صوته من الباب، ثم قال‏:‏ الحمد لله الذي لم يجعله رجلا من المسلمين يحاجني بسجدة سجدها لله يوم القيامة، ثم أقبل على القوم فقال‏:‏ أكان هذا عن ملأ منكم‏؟‏ فقالوا‏:‏ معاذ الله‏!‏ والله لوددنا أنا فديناك بآبائنا وزدنا في عمرك من أعمارنا‏!‏ إنه ليس بك بأس‏!‏

فقال‏:‏ أي يرفأ‏!‏ اسقني، فجاءه بقدح فيه نبيذ حلو، فشربه فألصق رداءه ببطنه، فلما وقع الشراب في بطنه خرج من الطعنات فقالوا‏:‏ الحمد لله‏!‏ هذا دم استكن في جوفك فأخرجه الله من جوفك، قال‏:‏ أي يرفأ‏!‏ اسقني لبنا، فجاءه بلبن فشربه، فلما وقع في جوفه خرج من الطعنات، فلما رأوا ذلك علموا أنه هالك فقالوا‏:‏ جزاك الله خيرا‏!‏ قد كنت تعمل فينا بكتاب الله وتتبع سنة صاحبيك، لا تعدل عنها إلى غيرها، جزاك الله أحسن الجزاء‏!‏ قال‏:‏ أبالإمارة تغبطوني‏؟‏ فوالله لوددت أني أنجو منها كفافا لا على ولا لي‏!‏ قوموا فتشاوروا في أمركم، أمروا عليكم رجلا منكم، فمن خالفه فاضربوا رأسه‏.‏

فقاموا وعبد الله بن عمر مسنده إلى صدره فقال عبد الله‏:‏ أتؤمرون وأمير المؤمنين حي‏؟‏ فقال عمر‏:‏ لا، وليصل صهيب - ثلاثا، وانتظروا طلحة وتشاوروا في أمركم فأمروا عليكم رجلا منكم، فمن خالفكم فاضربوا رأسه‏.‏

قال‏:‏ اذهب إلى عائشة فاقرأ عليها مني السلام وقل‏:‏ إن عمر يقول‏:‏ إن كان ذلك لا يضر بك ولا يضيق عليك فإني أحب أن أدفن مع صاحبي، وإن كان يضر بك ويضيق عليك فلعمري لقد دفن في هذا البقيع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين من هو خير من عمر‏.‏

فجاءها الرسول فقالت‏:‏ إن ذلك لا تضرني ولا يضيق علي، قال‏:‏ فادفنوني معهما، قال عبد الله بن عمر‏:‏ فجعل الموت يغشاه وأنا أمسكه إلى صدري، قال‏:‏ ويحك‏!‏ ضع رأسي بالأرض، فأخذته غشية فوجدت من ذلك فأفاق فقال‏:‏ ويحك‏!‏ ضع رأسي بالأرض، فوضعت رأسه بالأرض، فعفره بالتراب وقال‏:‏ ويل عمر‏!‏ ويل عمر‏!‏ إن لم يغفر الله له‏.‏

‏(‏ش‏)‏‏.‏

36077- عن جابر قال‏:‏ لما طعن عمر دخلنا عليه وهو يقول‏:‏ لا تعجلوا إلى هذا الرجل، فإن أعش رأيت فيه رأيي وإن أمت فهو إليكم، قالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ إنه والله قد قتل وقطع، قال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال‏:‏ ويحكم من هو‏؟‏ قالوا‏:‏ أبو لؤلؤة، قال‏:‏ الله أكبر، ثم نظر إلى ابنه عبد الله فقال‏:‏ أي بني‏!‏ أي والد كنت لك‏؟‏ قال‏:‏ خير والد، قال‏:‏ فأقسم عليك لما احتملتني حتى تلصق خدي بالأرض حتى أموت كما يموت العبد، فقال عبد الله‏:‏ والله إن ذلك ليشتد علي يا أبتاه‏!‏ ثم قال‏:‏ قم فلا تراجعني، فقام فاحتمله حتى ألصق خده بالأرض، ثم قال‏:‏ يا عبد الله‏!‏ أقسمت عليك بحق الله وحق عمر إذا مت فدفتني فلا تغسل رأسك حتى تبيع من رباع آل عمر ثمانين ألفا فتضعها في بيت مال المسلمين، فقال له عبد الرحمن بن عوف وكان عند رأسه‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ وما قدر هذه الثمانين ألفا فقد أضررت بعيالك - أو بآل عمر، قال‏:‏ إليك عني يا ابن عوف‏!‏ فنظر إلى عبد الله فقال‏:‏ يا بني‏!‏ واثنين وثلاثين ألفا أنفقتها في اثنتي عشرة حجة حججتها في ولايتي ونوائب كانت تنوبني في الرسل تأتيني من قبل الأمصار، فقال له عبد الرحمن بن عوف‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ أبشر وأحسن الظن بالله فإنه ليس أحد منا من المهاجرين والأنصار إلا وقد قبض مثل الذي أخذت من الفيء الذي جعله الله لنا وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض وقد كانت لك معه سوابق، فقال‏:‏ يا ابن عوف‏!‏ ود عمر أنه لو خرج منها كما دخل فيها، إني أود أن ألقى الله فلا تطالبوني بقليل ولا كثير‏.‏

‏(‏العدني‏)‏‏.‏

36078- عن أبي رافع قال‏:‏ كان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة ابن شعبة وكان يصنع الرحى وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ إن المغيرة قد أثقل علي غلتي فكلمه يخفف عني، فقال له عمر‏:‏ اتق الله وأحسن إلى مولاك - ومن نية عمر أن يلقي المغيرة فيكلمه فيخفف عنه - فغضب العبد وقال‏:‏ وسع الناس كلهم عدله غيري، فأضمر على قتله فاصطنع خنجرا له رأسان وشحذه وسمه ثم أتى به الهرمزان فقال‏:‏ كيف ترى هذا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أنك لا تضرب به أحدا إلا قتلته‏.‏

فتحين أبو لؤلؤة فجاء في صلاة الغداة حتى قام ورأى عمر وكان عمر إذا أقيمت الصلاة يتكلم فيقول‏:‏ أقيموا صفوفكم، فذهب يقول كما كان يقول، فلما كبر وجأه ‏(‏وجأه‏:‏ يقال‏:‏ وجأته بالسكين وغيرها وجأ، إذا ضربته بها‏.‏ النهاية 5/152‏.‏ ب‏)‏ أبو لؤلؤة، وجأة في كتفه ووجأة في خاصرته، فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلا، فهلك منهم سبعة وفرق منهم ستة‏.‏

وحمل عمر فذهب به إلى منزله وماج الناس حتى كادت الشمس أن تطلع، فنادى عبد الرحمن بن عوف يا أيها الناس‏!‏ الصلاة الصلاة‏!‏ ففزعوا إلى الصلاة، فتقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم بأقصر سورتين في القرآن فلما قضى الصلاة توجهوا إلى عمر فدعا بشراب لينظر ما قدر جرحه فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يدر أنبيذ هو أو دم، فدعا بلبن فشربه فخرج من جرحه، فقالوا‏:‏ لا بأس عليك يا أمير المؤمنين‏!‏ فقال‏:‏ إن يكن القتل بأسا فقد قتلت، فجعل الناس يثنون عليه يقولون‏:‏ جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين‏!‏ كنت وكنت‏!‏ ثم ينصرفون، ويجيء قوم آخرون فيثنون عليه‏.‏

فقال عمر‏:‏ أما والله على ما تقولون، وددت أني خرجت منها كفافا لا علي ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت لي، فتكلم عبد الله بن عباس فقال‏:‏ لا والله لا تخرج منها كفافا‏!‏ لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصحبته خير ما صحبه صاحب، كنت له وكنت له وكنت له حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنك راض، ثم صحبت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وليتها يا أمير المؤمنين أنت فوليتها بخير ما وليتها أنت كنت تفعل وكنت تفعل‏.‏

وكان عمر يستريح إلى كلام ابن عباس فقال‏:‏ كرر علي حديثك، فكرر عليه، فقال عمر‏:‏ أما والله على ما تقول لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به اليوم من هول المطلع‏!‏ قد جعلتها شورى في ستة‏:‏ عثمان وعلي وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وجعل عبد الله بن عمر معهم مشيرا وليس هو منهم وأجلهم ثلاثا، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس‏.‏

‏(‏ع، حب، ك، ق‏)‏‏.‏

36079- عن يحيى بن أبي راشد البصري أن عمر لما حضرته الوفاة قال لابنه‏:‏ يا بني‏!‏ إذا حضرت فاحرفني واجعل ركبتيك في صلبي واجعل يدك اليمنى على جبهتي واجعل يدك الأخرى على ذقني‏.‏

‏(‏المروزي‏)‏‏.‏

36080- عن ابن عمر أنه نهى أهله أن يبكوا عليه‏.‏

‏(‏أبو الجهم في جزئه‏)‏‏.‏

36081- عن ابن عمر قال‏:‏ لما حضر عمر غشي عليه فأخذت رأسه فوضعته في حجري فأفاق فقال‏:‏ ضع رأسي بالأرض كما آمرك، فقلت‏:‏ فهل حجري والأرض إلا سواء يا أبتاه‏!‏ فقال‏:‏ ضع رأسي بالأرض لا أم لك كما آمرك‏!‏ فإذا قبضت فأسرعوا بي إلى حفرتي، فإنما هو خير تقدموني إليه أو شر فتضعونه عن رقابكم‏.‏

‏(‏ابن المبارك‏)‏‏.‏

36082- عن عثمان بن عفان قال قال عمر بن الخطاب حين حضر‏:‏ ويلي وويل أمي إن لم يغفر لي‏!‏ فقضى ما بينهما كلام‏.‏

‏(‏ابن المبارك وابن سعد، كر‏)‏‏.‏

36083- عن هيبرة بن مريم أن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ لا يأتي عليكم عام إلا شر من العام الذي مضى، قالوا‏:‏ أليس يكون العام أخصب من العام‏؟‏ قال‏:‏ ليس ذلك أعني، قال‏:‏ إنما أعني ذهاب العلماء، قال‏:‏ وأظن عمر بن الخطاب يوم أصيب ذهب معه ثلث العلم‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

36084- ‏{‏مسند علي‏}‏ عن أبي مطر قال‏:‏ سمعت عليا يقول‏:‏ دخلت على عمر بن الخطاب حين وجأه أبو لؤلؤة وهو يبكي فقلت‏:‏ ما يبكيك يا أمير المؤمنين‏!‏ قال‏:‏ أبكاني خبر السماء أيذهب بي إلى الجنة أم إلى النار‏؟‏ فقلت له أبشر بالجنة‏؟‏ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما لا أحصيه يقول‏:‏ سيدا كهول أهل الجنة أبو بكر وعمر وأنعما، فقال‏:‏ أشاهد أنت لي يا علي بالجنة‏؟‏ قلت‏:‏ نعم، وأنت يا حسن فاشهد على أبيك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ إن عمر من أهل الجنة‏.‏

‏(‏كر‏)‏‏.‏

36085- ‏{‏أيضا‏}‏ عن أوفى بن حكيم قال‏:‏ لما كان اليوم الذي هلك فيه عمر قلت‏:‏ والله لآتين باب علي بن أبي طالب‏!‏ فأتيت باب علي فإذا الناس يرقبونه فما لبثت أن خرج علينا فأطم ساعة ثم رفع رأسه فقال‏:‏ لله در باكية عمر قالت‏:‏ وا عمراه، قوم الأود وأبد العمد ‏(‏وأبد العمد‏:‏ العمد - بالتحريك - ورم ودبر يكون في الظهر، أرادت أنه أحسن السياسة‏.‏ النهاية 3/297‏.‏ ب‏)‏، واعمراه‏!‏ مات نقي الثوب قبل العيب، واعمراه‏!‏ ذهب بالسنة وأبقى الفتنة، قاتلها الله ما ذرب‏!‏ ‏(‏ذرب‏:‏ هو بالتحريك‏:‏ الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ويفسد فيها فلا تمسكه ومنه حديث الأعشى ‏(‏أنه أنشد النبي صلى الله عليه وسلم أبياتا في زوجته منها قوله‏:‏

‏(‏إليك أشكو ذربة من الذرب‏)‏ كنى عن فسادها وخيانتها بالذربة، وأصله من ذرب المعدة وهو فسادها‏.‏ النهاية 2/156‏.‏ ب‏)‏ ولكنها قول أصاب والله ابن الخطاب خيرها ونجا من شرها‏.‏

‏(‏ابن النجار‏)‏‏.‏

36086- عن عمر أنه قال‏:‏ أوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعلم لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم وأن يعفو عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام وجباة الأموال وغيظ العدو وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم فيرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفهم إلا طاقتهم‏.‏

‏(‏ش وأبو عبيد في الأموال، ع، ن، حب، ق‏)‏‏.‏